Powered By Blogger

الخميس، 28 فبراير 2013

عرض كتاب "معالم في الطريق” لسيد قطب


حين ندرك إتباع أغلب قياديي الإخوان المسلمين الحاليين للمذهب القطبي التابع لفكر 
الشيخ "سيد قطب" الإخواني البارز الذي تأثر في مذهبه بابن تيمية –شيخ الإسلام الحنبلي ورائد أفكار الإسلام السياسي- وتلميذه ابن القيم، وأثر بدوره في العديد من الحركات الجهادية كتنظيم القاعدة، نشعر بأهمية قراءة مانيفستو المذهب القطبي وأشهر كتب سيد قطب "معالم في الطريق".

ولد سيد قطب في أسيوط، وأنضم أولا إلى حزب الوفد متأثرا ببلاغة العقاد وكتاباته 
فكتب الشعر، ثم أنضم إلى جماعة الإخوان المسلمين، وسُجن على إثر حادثة محاولة اغتيال الزعيم جمال عبد الناصر في المنشية بالإسكندرية حيث أستكمل أشهر كتبه في السجن حتى حُكم عليه بالإعدام ونُفذ الحكم في عام 1966.

ينقسم كتاب "معالم في الطريق" إلى 13 فصلا يبدأها قطب بمفهوم "الجاهلية" الذي يستمر معنا إلى نهاية الكتاب حيث يقول "نحن الیوم في جاھلیة كالجاھلیة التي عاصرھا الإسلام أو أظلم . كل ما حولنا جاھلية .. تصورات الناس وعقائدهم، عاداتھم وتقالیدھم، موارد ثقافتھم، فنونھم وآدابهم، شرائعھم وقوانینھم. حتى الكثیر مما نحسبه ثقافة إسلامیة، ومراجع إسلامیة، وفلسفة إسلامیة وتفكیرا إسلامیًا . . ھو كذلك من صنع ھذه الجاھلیة!!".. وأيضا "كذلك ينبغي أن يكون مفهوما لأصحاب الدعوة الإسلامية الذين يدعون الناس لإعادة إنشاء هذا الدين، أنهم يجب أن يدعوهم أولا إلى اعتناق العقيدة –حتى لو كانوا يدعون أنفسهم مسلمين، وتشهد لهم شهادات الميلاد بأنهم مسلمون!".
ثم يفسر مفهوم "الحاكمية" قائلا في الفصل الأول "هذه الجاهلية تقوم على أساس الاعتداء على سلطان الله في الأرض وعلى أخص خصائص الألوهية وهي الحاكمية. إنها تسند الحاكمية إلى البشر .. في صورة إدعاء حق وضع التصورات والقيم، والشرائع والقوانين بمعزل عن منهج الله للحياة".

نجد الكاتب يقلل من أهمية التطور الغربي وإن لم ينبذه تماما "إن هذه الأمة لا تملك الآن – وليس مطلوبا منها- أن تقدم للبشرية تفوقا خارقا في الإبداع المادي فالعبقرية الأوروبية قد سبقته في هذا المضمار سبقا واسعا. وليس من المنتظر –خلال عدة قرون على الأقل- التفوق المادي عليها".
وهو يدعو للجهاد في سبيل الله بالفعل وليس باللسان والبيان فقط حتى يتحرر الإنسان من الضغط السياسي عليه والذي يثنيه عن اعتناق الدين الحق "إن (الدعوة) تجاهد باللسان والبيان حينما يخلى بينها وبين الأفراد، وهم مطلقو السراح من جميع المؤثرات فهنا ((لا إكراه في الدين)) أما حين توجد تلك العقبات .. فلابد من إزالتها أولا بالقوة، للتمكن من مخاطبة قلب الإنسان وعقله ، وهو طليق من هذه الأغلال". فكيف إذن يعتنق الأجنبي الإسلام في الدول غير الإسلامية بكامل إرادته دون التدخل السياسي في الدولة التي يحيا بها؟


يعرّف قطب الوطن فيقول: "وطن المسلم الذي يحن إليه ليس قطعة أرض، وجنسية المسلم التي يعرف بها ليست جنسية حكم، وعشيرة المسلم التي يأوى إليها ويدفع عنها ليست قرابة دم، وراية المسلم التي يعتز بها ويستشهد تحتها ليست راية قوم، وانتصار المسلم الذي يهفو إليه ليس غلبة جيش .. إنه النصر تحت راية العقيدة دون سائر الرايات"، وهنا يسقط مفهوم الوطن كأرض وأهل لا تستحق الذود عنها، كما يسقط الجيش الذي يعبر عن ذلك الوطن أو الدولة والذي لا يحارب به المسلمون فقط، ولا يكون التهرب من أداء الخدمة العسكرية من سقوط المروءة!!  




أما في فصل (التصور الإسلامي والثقافة) نجد تشديد الكاتب على ضرورة تلقي الثقافة والفن والتعبير من مصدر إسلامي فقط مع ضرورة ألا يجمع المسلم بين المصدرين (الإسلامي والجاهلي كما يسميهما) في التلقي.
ويستشهد قطب بالعديد من آي القرآن الكريم والأحاديث الشريفة ووقائع الصحابة وقد استعنت بشبكة الإنترنت ومنها موقع Islamweb.net للتأكد من صحة هذه الأحاديث فوجدت أن الترمذي أخرج الحديث الآتي ووصه ب((الحسن الغريب)) والعجب من ابن تيمية – رحمه الله – إنه نسب للترمذي تصحيحه!!!
عن عدي بن حاتم، قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وفي عنقي صليب من ذهب، قال: فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا ابن حاتم، ألق هذا الوثن من عنقك". قال: فألقيته. قال: ثم افتتح بسورة براءة، فقرأ حتى بلغ إلى قوله: اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ (سورة التوبة آية 31 ) فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أليس كانوا يحلون لكم الحرام فتستحلونه، ويحرمون عليكم الحلال فتحرمونه؟" قال: قلت: بلى. قال: "فتلك عبادتهم".

كما يورد الكاتب حديثا آخر يكرره مرتين وهو حديث ((ضعيف)) بسبب سنده .. عن عبد الله بن ثابت الأنصاري أن عمر نسخ صحيفة من التوراة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء. ونجد تكرارا لثلاث مرات لواقعة الصحابي ربعي بن عامر مع رستم قائد الجيوش الفارسية في سياق الجهاد في سبيل الله فقد "قال له رستم: ما جاء بكم؟ فقال له: لقد ابتعثنا اللهُ لنخرج من شاء من  عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة". فما الهدف من تكرار نفس الوقائع والأحاديث من رجل مطلع قرأ – كما يقول في الكتاب- لمدة تربو على ال 40 عاما كل صنوف وأنواع الكتب إلا أن يكون السبب الافتقار للمزيد من الأمثلة؟
أخيرا، أحب أن أنهي الحديث بمقطع -أراه مفصليا- يرد في فصل (جيل قرآني فريد) حيث يوضح الكاتب مذهبه قائلا "إن أولى الخطوات في طريقنا هي أن نستعلي على هذا المجتمع الجاهلي وقيمه وتصوراته. وألا نعدّل نحن في قيمنا وتصوراتنا قليلا أو كثيرا لنلتقي معه في منتصف الطريق. كلا! إننا وإياه على مفرق الطريق، وحين نسايره خطوة واحدة فإننا نفقد المنهج كله ونفقد الطريق".    

أدعوك عزيزي القارئ لقراءة "معالم في الطريق" لسيد قطب لتكوّن تصورك الخاص عنه، متمنية أن يكون مقالي هذا خطوة في طريقك إلى المزيد من المعرفة.  

نشر المقال في مجلة "دقة جديدة" - عدد فبراير 2013


الخميس، 21 فبراير 2013

عقدٌ منمنم

كم أتمنى أن أضع عقدا من الخرز المنمنم حول عنقي يحمل ألوانك الجميلة .. خرزاته الحمراء البراقة تشعرني بالقوة وتلك البيضاء والسوداء تغازل بعضها البعض معلنة ذلك العناد والتضاد العجيب فيك الذي لطالما عجبت له .. وآخر أزرق نيلي يعانق ذلك الثلاثي الألوان العزيز ..

يتحركان سويا فوق نحري .. يحسان بنبضي وكل خلجة من عنقي .. يتنفسان معي .. يرتعشان معي رعشة الموت الأخيرة وينفرطان بجانب أنفاسي الخرساء المعلنة عن نبض جديد لحرية وليدة.

الخميس، 14 فبراير 2013

حملة التدوين الأسبوعي: العطر


وضعت الكثير من الشامبو الأزرق على راحة يدي وأنا أشتمه باستمتاع شديد .. كان ذا رائحة نعناعية مميزة وعطر رجولي فخم .. بدأت في التأمل بعيدا بينما تترك الفقاعات شعري وحيدا بلا وداع وتنزلق إلى القاع السحيق .. أرنو إليه بعيدا وعطره يدغدغ رأسي وأنفي ويهدهد منابع خصلاتي كطفل صغير يستسلم لسحر النوم.

لبست سترته الزرقاء .. رياضية وعملية كما نحب أنا وهو .. وفي خبث طرق رأسي خيال .. ربما ينظر الناس إلى الآن ويفكرون قائلين: ربما ابتلت بلوزتها الحمراء في يوم صيفي شديد الحرارة فأعارها سترته .. لكن لم تمشي هكذا مزهوة بها؟ إنها جزء منه تحمل عطره الذي تعشّق على مسامات جسدي منذ ولادتي .. هكذا رددت -في نفسي- على سؤالهم.

نظرت في ساعته القاطنة على معصمي .. عقاربها تشير إلى دقات أنفاسه .. أناديه بها كما علمتني الحوريات الإغريقيات .. يلون حدقات عيني برحيق عباراته شديدة التميز.

ساعته بيدي .. أنام وقد تقمصته تماما .. أستكين على وسادتي .. أنتظره لأعطيه أشيائه ممتنة له وليعطيني هو عطره الذي لا أزال أبحث عن مصدره .. هذي سترتك وعطرك وساعة معصمك حبيبي .. فأين تكون؟