كنت قد وعدت نفسي أنني سأكتب
كأسلوب حياة والحياة لا تنقطع هكذا لمدة طويلة .. سأكتب اليوم عن موقف صادفني ولن
يقيدني جمال اللغة وسلاستها عن التعبير عن النقطة المراد إيصالها والرأي الذي أنا
بصدد الحديث عنه وعن بعض جوانبه التي تراءت لي.
أركب التاكسي إلى عملي يوميا في رحلة لا تزيد
على الربع ساعة، وتختلف حالي من يوم إلى آخر بطبيعة الحال فأحيانا أسعى إلى
الانتعاش فأفتح شباك السيارة وأحيانا أخرى أستريح قليلا وأغمض عيوني في حال تيقني
من معرفة السائق للطريق .. أما في حالات أخرى فأستمع إلى الراديو .. فأحاول البحث
عن الأغنية التي يستمع إليها السائق إذا راقتني حين أصل إلى المكتب على شبكة
الانترنت أو استمع إلى إذاعة القرآن التي يفضلها المصريون عادة في الصباح .. لا
أنكر أنني أتفاءل وأتشاءم في بعض الأحيان وخاصة صباحا .. أحس أن القرآن كائن حي
يشعر ويتفاعل مع الإنسان في كل حالاته وأتذكر ذلك الجدل في عهد الخليفة المأمون حول
طبيعة القرآن.. وكثيرا ما أفكر في بعض الأمور فأفتح المصحف على نية التعرف إلى
رأيه في الأمر .. أحكّم قلبي طبعا وعقلي لكنني أعرف أيضا أن المصحف كائن حي وأن
الله يحدثني من خلاله ..
أما اليوم فقد سمعت برنامجا على إذاعة القرآن
الكريم ينهر الجمعيات الأهلية والخيرية على أنها تُحوج الفقير أكثر من حاجته وقال
الشيخ - بعد أن حرص على تعطيش الجيم – أنها لا يجب أن تعطيه مثلا 20 جنيها بينما
هو في حاجة إلى المزيد، وأن هذا الشيء مكروها وضرب مثلا أن عمر بن الخطاب – رضي الله
عنه – نهر رجلا كان يوزع التمر فقط على الناس وبذلك يحوجهم إلى مساعدته أكثر ويمن
عليهم .. لا أدّعي معرفتي بكل الأقوال والأحاديث لكنني بحثت على الانترنت بهذه
الكلمات المفتاحية "عمر بن الخطاب تمرة" فلم أجد شيئا..
هذا المثال من أمثلة كنت أسمعها كثيرا في
طريقي للعمل .. فحين كان مبارك رئيسا كانت المداخلات التليفونية آنذاك تدافع عنه وكذا
البرامج أما وقت المجلس العسكري فقد سمعت بأذني أحدهم في إذاعة القرآن الكريم يسب
الثوار ويقول أنه من محاربي أكتوبر القدامى ..
وحاليا يوضح المثل المذكور أعلاه المأساة التي وصلنا إليها فالشيخ لا يعلم شيئا عن دور الدولة الأساسي في توفير سبل الحياة الأولية للمواطن أو هكذا تبين لي من الجزء الذي سمعته من البرنامج، وتقافز إلى ذهني مشروع النهضة وطائره عظيم الأجنحة الذي يظلم ولا يضلل على مصر.. كما أن شيخنا الكريم ربما لم يلحظ الوضع السىء الذي تعاني منه البلاد بعد هروب الكثير من الجمعيات ومصادر الدخل بسبب البيئة الطاردة .. كما أنه لا يعرف شيئا عن الاستدامة وعن المثل الذي أصبح يعرفه الجميع عن "تعليم الصيد وليس التصدق بسمكة" حيث تحاول الجمعيات توفير عملا أو مصدر رزق مستدام بدلا من العشرين جنيها التي يتحدث عنها والتي حتى وإن وصلت لألف جنيه لن ترحم صاحبها من نير الفقر والعوّز..
لا أرى ذلك إلا وعظا دينيا يضلل الناس ويميزه
التقليدية الشديدة في الطرح والحلول .. ويقلل بشدة من قيمة الإذاعة المحترمة التي
ظهر مديرها يوما على إحدى القنوات الدينية المتطرفة المزعومة "اللي هي دون
ذكر أسماء يعني قناة الحافظ : )" يرمي الناس بالباطل ويطلق الأحكام والألفاظ
الصادمة على الثوار دون أن يتأكد مما يقوله .. ألا تعرف أن بعض الظن إثم يا شيخنا؟
أدعو للحذر من بعض "برامج" إذاعة
القرآن الكريم وعدم قبولها على علاتها فهي –فيما يبدو- ليست لله وللوطن .. وأحمد
الله أن القرآن وتلاواته لا يمكن تحريفها وإلا فلفعل تجار الدين بها الأفاعيل على
مر العصور.
هناك 6 تعليقات:
للأسف الان الدين بقا يتاجر بيه
ويفسر حسب هوي الحاكم او الحزب او التيار السائد
لقد كنت أمر على مدونتك من أجل التصفح والبحث عن جديد إلا أنى أعجبت كثيرا بأسلوبها الراقى الذى يمس الحقيقه
وبالنسبه لما تكتبين فلا تتعجبى مما يحدث فقد أطلق زمام الامور بين الناس واصبح يتحدث فى الدين التاجر والمزارع والطبيب والمهندس وعامل النظافه وأصبح كل منهم يحوى العلم الذى يؤهله للفتوى فى وجهة نظره فمنهم من يحل البول للعلاج ومنهم من يحل الزواج العرفى لان أحد القيادات تزوج عرفيا ومنهم من يحل زواج القهر إذا كانت الفتاه مضطره أو لاجئة ومنهم من يحل الفوائد الربويه بحجة أنها رسوم لان ولى الأمر يفعل ذلك ولكن كل ذلك فى النهايه يمكن أن نعتبره من أحداث أخر الزمن كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سياتى زمن القابض على دينه قالقابض على جمرة من نار صدق رسول الله
فلا تبتاسى لما ترين فبعد قدوم الليل لا بد من بزوغ الفجر
شكرا لك على البوست الجميل والمدونة الرائعه
موضوع مهم وخطير ومحتاج واقفة من المجتمع كله
يللا .. لنا الله
عزيزتي شمس النهار ..
فعلا تجار الدين مخلوش للشيوخ الحقيقيين حاجة :(
أ. جمال ..
شكرا جزيلا على تعليقك الرائع ..
والمدونة شرفت بوجودك طبعا :)
عزيزي ضياء ..
شكرا ليك جدا على كلماتك ومتابعتك ومؤازرتك الدائمة
:)
إرسال تعليق