بدأنا نجهز لليلة الموعودة .. أنا وأمي في حالة استنفار شديد نحصي ما اشتريناه للتو من السوق للحدث العظيم القادم إلينا ليلاً برعاية خالتي وعمتها وأبناءها .. نقطع الخضار واللحم ونحشو المحشي ونجهز المشروبات .. أبي أستيقظ باكراً يعمل في مكتبه المنزلي وأخي مازال مستلقياً نائماً.
كنت أتحرك برشاقة غير معهودة تتملكني حين
أشعر بالحماس فقط .. ابتسم كل حين وآخر
وأنا أنظف الكاسات وأصنع الليمونادة .. سأضعها في الثلاجة حتى يأتي الليل وقبل
تقديمها بقليل أتركها في رعاية الديب فريزر حتى يزيد انتعاشها .. لم أنس فنجان
القهوة المنمق الذي تشرب فيه خالتي القهوة دائماً .. لا تشربها في غيره .. لا
أخفيكم سراً أنا كمان طالعالها .. كيف تستقيم القهوة بدون رنين فنجان أنيق .. خلال
تلك الفترة كانت ماما قد جهزت كل مأكولات وليمة العشاء والتي لا تحتاج إلا للقليل
من التسخين.
أقترب الحدث وبدأت الشمس تبرد وتبتعد رويداً
رويداً، وأنا تزداد حركتي وحماسي كلما اقترب الميعاد .. جرسان متلاحقان .. عمتي
أتت أولاً تحمل بعض المعجنات التي سلمتها لي ابنتها الصغيرة بعد أن سلمت كتاب
التلوين لأخيها يحمله عنها حتى تسلمني الأمانة، وتقول لي في ابتسامة مشرقة:
"صنع إيديا، وحياة عينيا" .. قبلتها وأمسكت خدها الممتلئ أقرصه قليلاً
ثم أخذت الأمانة ووضعتها على مائدة السفرة.
جرس خالتي تزامن مع بداية الحدث .. أتت
متأخرة كعادتها تمشي بحذر شديد حتى لا ينكسر كعب حذاءها شاهق الارتفاع، وبيدها
زجاجة "الحاجة الساقعة" التي أفضلها أنا وأخي والصغار بالطبع.
أبي خرج من عزلته المكتبية يستقبل أخته
وخالتي ويداعب الولد الصغير والبنت الأكبر بسنتين، وقدم لهم البونبوني الذي
يحبونه ويغترفون منه بشغف.
كان العشاء موضوعاً بعناية على السفرة بعد
تسخينه، والفيشار الأسطوري بيد أخي يأكل منه بشكل فردي وجماعي، وأنا آتي بين الحين
والآخر لأخطف فيشارة يتيمة تسد رمقي حتى يأتي وقت العشاء .. هم يشاهدون الحدث وأنا
وأمي وخالتي –التي بدلت حذاءها المسمى بناطحة السحاب بشبشب منزلي بسيط- نسأل عن
التفاصيل ونحن منهكون في المطبخ .. عمتي ترتشف القهوة والفنجان يرن ثم كانت تلك
الرنة التي أعلنت بعدها مباشرة النتيجة المبدأية .. شفيق ومرسي في جولة الإعادة.
تسمرنا جميعاً فاغرين أفواهنا .. انسكبت
القهوة على فستان عمتي الأبيض ولم يكن فألا خيرا .. نُحي الفيشار جانبا ثم ألقي
بسلة القمامة في اليوم التالي .. علا صوت أبي وأخي كثيرا .. ونظر ابن عمتي الصغير
إلى أمه قائلا: "ماما .. هو إيه اللي حصل .. أكمل تلوين ولا خلاص كده؟؟"
لم ترد عمتي .. أنا مثلها ينعقد لساني تماما في مثل تلك المواقف.
استأذنت منهم جميعا ودخلت غرفتي .. ألقيت
بجسمي على المرتبة فأصدر صوتا غريبا كأن بابا قد وقع على الأرض!!
نمت لمدة يومين عل النوم يأخذني إلى نوم أعمق
وأبقى .. ترددت في أذني جملة واحدة بدون صور أو أحلام: "ليلة خميس ... هي
العروسة لكن مين العريس؟" كلما انتهت انتفض جسدي وبدأت من جديد .. صحوت أخيرا
.. أراد لي ربي أن أصحو فأذعنت ملبية .. فتحت الديب فريزر أخرج عصير الليمون أهدئ به روعي وأعصابي قليلا .. كان أسودا!!
- 24 مايو 2012
هناك 14 تعليقًا:
عجبني او التعبير بتاع الحذاء الملقب بناطحة السحاب :)
شكرا ليك :))
طب والقصة عموما؟؟
جميلة جدا..في انتظار جديدك دوما.
شهادة أسعد وأعتز بيها جدا :))
شكرا جزيلا جزيلا
حلوة القصة وخدتني معاها
وحسيت بشعور الصدمة في الآخر من الكتابة نفسها
:)
جميلة
شكرا جزيلا أسماء .. ده بس من ذوقك ..
والله أنا مصدومة لحد دلوقتي .. ربنا يستر الأيام الجاية جايبة معاها أيه :(
_________________________
I added cool smileys to this message... if you don't see them go to: http://s.exps.me
حبيت الجو الاسرى الجميل اللى كان موجود طول القصه
لحد الصدمه اللى كلنا اتصدمناها :(
ربنا يستر على اللى جاى
تسلم ايدك
حقيقى انتى هاااااااااايلة برافو وجميييييل استمتعت :)
حبيت أوى تفاصيلك و أنت بتشرحى الجو العائلى ده
بس فكرتينى بالكارثة اللى احنا فيها :(
القصة تحفة طبعا! :)
عجبني الجو العائلي وتقسيم المهمات الخطير ده
وعجبني اكتر وصفك لليموناده في الاخر
اسود زي الايام اللي احنا فيها بالظبط
شكرا جزيلا بنت من الزمان ده ..
أنا حبيت أستحضر أيام عزومات رمضان كده .. كل سنة وأنتي طيبة
ربنا يسهل ويستر من كل اللي بيحصل :(
richardcatheat
مبسوطة قوي إن القصة عجبتك :))
عاجباني مدونتك كلها أسود وقطط
العزيزة رضوى أشرف
سعيدة جدا ان القصة عجبتك
أحنا أظن بنحاول نهرب لأي دفا بسبب الأحداث الصعبة دي .. بندور ع حاجة تطمنا
عزيزتي maioya
سعيدة إن الوصف عجبـك .. شكرا لــمرورك :)
إرسال تعليق