نظرت إلى كرة الكريستال المتوهجة حول عنقي .. كانت تعيرني الضوء كما تنعم
الشمس على القمر بظلها وتجذب النجوم آشعتها. تنبهت .. تأكدت أن مقاس البلوزة مضبوط
.. لم أكن أنظر إلى لونها .. كان عقلي يردد كلمة غريبة "كلتصو" ويعلو
الصوت باستمرار.
خرجت مسرعة من "البروفة" بعد أن اصابني الدوار .. ألقيت بالثمن
.. لم أعر اهتماماً للدوار .. أعزيت سببه لضيق الغرفة وفساد الهواء بداخلها.
في البيت اقتربت من المرآة .. وجدتها .. اطمأننت على البلورة الزجاجية ثم
وضعتها في كيس القطيفة وأغلقت الدرج عليها .. ولكن .. ألتفتت إلى المرآة .. وجدت
وجهي وقد امتقع لونه وخطوط سوداء داكنة تحت عيوني .. اغتظت .. ساعة من وقتي
أحرقتها في تثبيت البودرة وضغط أحمر الشفاه القوي على شفتي لأخفي شحوبي .. كان
القلق يعتصرني ولا اعرف السبب والغصة في حلقي تقتلني وأحل شعري مائة مرة ثم أربطه
.. ثم أفكه وألويه ..
كانت حجرتي كئيبة رغم ألوان الحائط واللوحات والستائر .. كان المشهد
اسطوانة مشروخة تكرر نفسها في جنون ومعها تتردد "كلتصو" ..
"كلتصو" حتى تملأ رأسي وصدري وجسدي ويداي ودمي والغرفة والبيت بأكمله ..
حاولت .. حاولت أن أوقف هذه الرنة المخيفة. ابتعت لوحات جديدة .. غيرت مكان السرير
.. سمعت موسيقى الجيتار والساكسفون من قمة رأسي إلى أخمص قدمي .. ولكن الدوار
وتردد "كلتصو" لم يرحماني في الصحو وفي أحلامي. انعدم كل صوت آخر .. كدت
أنفجر .. لبست الكريستالة .. وضعت أطنان من البودرة لكن عيناي بدتا ككتل فحم محترق
.. ربت إلى النادي .. وحول الملعب عبثاً جريت .. جريت عل ما بداخلي يهدأ وينطفىء.
كنت لا أرى السماء ولا الأرض ولا أتنفس .. فكرت في القلادة .. هي لم يحرقها الفحم
الذي شواني ولكن "كلتصو" ظلت ترن في أذني رنة شيطانية. بحثت .. بحثت في
عشرات القواميس عن هذه الكلمة اللعينة حتى احترق بصري وعقلي وأصابعي وكتبي .. قلبت
مئات بل آلاف الأوراق دون جدوى. نقبت في كل اللغات دون جدوى .. بحثت كمن يبحث عن
عملة رومانية غارقة في بحر الظلمات دون جدوى ..
سألت أصدقائي .. أحسوا بشحوبي .. بموتي البطيء .. أصروا على اصطحابي إلى
الأوبرا ..
علقت الكريستالة .. لبست ثوباً لا أتذكر ملامحه .. وضعت عطراً عجزت عن
تنشقه .. حملت نفسي وذهبت.
ابتسمت إحدى صديقاتي وبشرتني بالخلاص .. قالت لي أن "كلتصو" تعني
خاتم مستدير بالروسية. آه .. كريستالتي مستديرة .. يا إلهي .. انتفضت من مكاني ..
فرط العقد .. سقطت الكريستالة ولكن .. ولكن الدوار .. انقباض صدري و"كلتصو"
مازالت ترن بأذني .. حتى هواء الصالة الكبيرة لا يكفيني .. هواء الطبيعة كله لن
يكفيني .. لقد كبر ما بداخلي .. هذه الكريستالة البراقة حول عنقي جمرة مشتعلة
تنهشني .. لقد كبرَت حتى أنني لا استطيع الاحتمال .. لقد صمتت فترة طويلة حتى ضاق
بي الصمت .. أراد أن يهرب من صدري .. أن يرتاح من عبوديته .. صرخت .. صرخت بأعلى
صوتي .. تصلبت يداي وقدماي حتى سقطت .. وعدت إلى بروفة محل الملابس أنظر بشغف إلى
الكريستالة ..
_2006_
هناك 6 تعليقات:
أسلوبك في الوصف والسرد عاجبني أوي بجد
شكرا جزيلا استاذ ضياء :)
ده بس من ذوقك
2006 ..جميلة جدا !!
..هي صحيح توهتني شوية لكني أعشق هذا الاسلوب في الكتابة،لا أجيد كتابته و لكني أجيد الاستمتاع به !!
..
دايما متألقة..بجد مش مجاملة..و دايما بأستمتع بكتاباتك..
..تحياتي
أيوا 2006 .. كانت أيام الجامعة
مش قادرة اقولك قد أيه سعيدة برأيك .. ودي شهادة جميلة بجد وبتسعدني جدا لأن أسلوبك وأفكارك عاجباني جدا جدا برضه .. وبرضه مش مجاملة :))
غريبة
بس عجبتني
مش بجيد كتابة النوع ده
بس بيعجبني
شكرا رحاب ..
مبسوطة إن القصة عجبتك ..
والله أنا نفسي حاسة إني مبقتش أكتب بالطريقة دي لأن القصة من 6 سنين والظروف أتغيرت وأنا كبرت أكيد برضه :))
إرسال تعليق