Powered By Blogger

الاثنين، 16 يوليو 2012

يوم شتوي: قصة ف عز الصيف



"ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم". نطقت بذلك الدعاء وهي تنتظر تاكسي ليوصلها إلى المكتب .. نبتت في عينيها دمعتان من اليأس فالتاكسي لا يأتي عندما تكون في أشد الحاجة إليه ككل شيء آخر.

كانت قد نهضت في ذلك اليوم من السرير وعيناها غائرتان ومتورمتان في آن .. يطل منهما ذلك اليأس المصاحب لبعض أيام الفكر والليالي العصيبة. كانت ليلة من تلك الليالي التي يعز فيها النوم أو تسهر هي فيها لعلها تنام كميتة دون أحلام. استيقظت الأحلام طوال الساعات القليلة التي نامت فيها .. أحلام مرهقة شديدة العنف من تلك التي نشعر بأنها حقيقة فنتحرك في نومنا لتفاديها.

غسلت عينيها بالماء والصابون وتناولت بعض الفطور الساخن في ذلك الجو غير المرحب. لبست ما تقدر عليه من أثقل ملابسها وفوقها ذلك المعطف المحفوظ في الدولاب للأيام والليالي القاسية كتلك. الجو في الخارج لندني الهوى، غائم وهي لم تعتد حب هذا الجو أثناء فترات الألم، لربما ابتسمت له لو كانت حالتها النفسية أحسن.

أخيراً توقف ذلك التاكسي المهترئ بعدما رأى سائق ميكروباص كان يمر بجانبها لمعة الدموع في عينيها. ركبت التاكسي وهي تلهج بالحمد لله و"اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، وقتا عذاب النار" ذلك الدعاء عن النبي –صلى الله عليه وسلم- الذي كانت قد قرأته في اليوم السابق وحاولت حفظه. لم تكن تلجأ لله إلا في تلك الحالات الصعبة المتعثرة، أما في حالات الفرج كانت "الحمد لله" تكفي بالنسبة لها وصلاة شكر لله تنهيها في عجالة. لطالما تمنت لو أن قلبها يطاوعها على الدعاء المذكور وقراءة الآيات في أوقات الرخاء والسعادة، ولطالما حاولت أن تجبر نفسها على ذلك دون فائدة.
التاكسي يتحرك بصورة بطيئة .. على الأقل مكان دافئ بعيداً عن ذلك الجو الذي يخرج من أجله المعطف من غياهب الدولاب.

أكثر ما كان يقلقها أن يدخل السائق في طريق آخر فقط لجهله بالطريق البسيط الذي تسلكه هي كل يوم إلى المكتب.

تصرخ بالسائق .. فياللمصيبة لو أخذ طريقاً مختلفة، فهي تعلم أفضل الطرق في ذلك الوقت ووقت العودة أيضاً. ألم تطرقه لبضع سنين حتى الآن؟ كيف لسائق ألا يعرف ذلك الطريق البسيط السهل .. ألا تقع منها بعض التفاصيل في العمل هي الأخرى .. هكذا فكرت.

يقف السائق كلما يناديه أحد بالشارع، ويركب الراكب حتى تصيح به أن طريقها كذا وكذا فينزل الراكب. لا تريد منع أحد من الركوب والتنعم ببعض الدفء، ولكن ليس هذا هو الطريق المتفق عليه الذي لا يعرفه السائق أصلاً!!

ركب أحدهم مسافته قصيرة وفي طريقها .. حمدت الله على ذلك حتى لا يتوقف السائق كل 100 متر لركاب من كل نوع. "كم أنا قاسية!" قالت في قرارة نفسها "ولكن ألا يكون الإنسان أنانياً في بعض الأوقات .. عندما تكون عيناه متورمتين وقضى ليلته في قلق وصباحه غائم معتم كل هذا الإعتام!!".

وصلت أخيراً إلى المكتب فبادرت ب"لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين". لم تجد ساعي المكتب فقد ذهب إلى مشوار مهم يخص العمل من الصباح الباكر، وهي التي قد أحضرت مظلة معها لعله يحتاجها .. وجدت سترته بالمطبخ.

تحدثت إليه والخط يقطع في أحلك اللحظات كالعادة .. أطمأنت إلى أنه بخير وذهب قبل وصولها بفترة كبيرة إلى مشواره. فتحت الكمبيوتر .. كتبت شيئاً مشابهًا لما أقصه عليكم في ورقة، وكانت بعض الكلمات التي قرأتها أنا فيما بعد تقول: "كتبت اللي حصل معايا لحد الساعة 10 النهارده .. ربنا يستر .. اليوم لسه بادي، وأنا قلت أكتب الكلمتين دول قبل ما أفتح الإيميل وأُفجع من كم العمل ويلبسني اليأس تاني .. كأنه كان فارقني أولاني .. يمكن أقراه في يوم تكون الشمس منورة وأضحك على زرزرتي الفاضية".

فجأة رن جرس الهاتف وكان الساعي هو المتصل .. مرة يقول "ألو" فلا تسمع ومرة العكس. حاولت هي الاتصال به ثانية، وإذا بصوت سيدة حنون يعلن "أنت تطلب سنترال الزقازيق المركزي!!!".
رفعت حاجبيها وضحكت أخيرًا؛ فاكتسى اليوم بلون الورد.

22 يناير 2012  



هناك تعليقان (2):

Hanan w Haneen يقول...

انا مشتاقة ليوم شتوي اوي زي ده .. حتى لو حالتى النفسية وحشة .. اهو اتغطى بالبطانية واعيط براحتى

تحياتى ^_^

ضياء عزت يقول...

طيب والشعور بالاحساس الشتوي ده في الحر اللي احنا فيه ده جاب نتيجة ؟ D:

لو كدة الواحد يكتب تفاصيل كل أيام الشتا
هههههههههههه

حلوة فكرة البوست

تسلم إيدك